مـنـذ مـتـى يـــا قـارون
مملكة آل سعود تلحق بالإمارات ثم تلحق
بهما الكويت ، مليارات الدولارات نقداً ، وأخرى كودائع ، وثالثة كمشتقات
نفطية . كلّ ذلك من أجل إنقاذ مصر من عجزها المزمن في توفير المشتقات
النفطية ، وخصوصاً البنزين والسولار والغاز . فلماذا هذه الحماسة لإنقاذ
مصر ؟ لا أعتقد ان النخوة عادت و تدفقت في هذة العروق اليابسة ، كما أني لا
أعتقد بان القومية العربية حركت هذة الضمائر المتخشبة ، ولا أعتقد أيضاً
أن للإسلام والمحمديّة شأن بهذة الهِبة والهَبّة الخليجية . أذا سأبحث خلف
بريق ” الورق الاخضر الأمريكي ” ، وخلف لحظة الكرم النادرة جداً ، وخلف
البيانات المرافقة لهمروجة المليارات . إلا ما أشار منها لمعنى ودلالة ،
وما كشف منها عن ربط وصلة حقيقة واقعية . * ملاحظات أولية 1 – عندما حدثت
هبة 25 يناير في مصر وأُسقط حسني مبارك كان للجيش يد طولى في هذا الإقصاء –
وإن كان من خلف الستار – وظهرت جماعة الاخوان المسلمين كقوة وحيدة منظمة
وممولة وقادرة على جمع حشد كبير من الناس ، وتوجيهه وتنفيذ رغباتها ورؤآها
بكل يُسر وسهولة . 2 – عندما تم الإحتكام لصناديق الاقتراع لم يكن هناك من
منافس حقيقي لجماعة الإخوان إلا أحد رموز نظام حسني مبارك – وهذا ما يؤكد
أن لا ثورة في مصر – فذهب الفوز لصالح مرشح الإخوان – وإن ببعض الصعوبات
والتعقيدات والكثير من المال والإعلام – لأن البديل في أعين الناس كان يعني
العودة لما قبل 25 يناير بكل بساطة . 3 – أظهر الاخوان نَهم هائل للسلطة ،
وتسرع كبير للإمساك بمفاصل الدولة ، ونزوع غير مسبوق لأخونة مصر والحياة
الإجتماعية و السياسية والإقتصادية والثقافية فيها . وهذا ما لا تُطيقه مصر
، ولايمكن أن يتقبله الشعب العربي في مصر . مع الإحتفاظ – إن لم يكن
المبالغة – على ” تغريب وصهينة ” السياسة المصرية ، فكلنا يذكر رسالة مرسي
الشهيرة لشيمون بيريز السفاح . 4 – لم يقدم النظام الاخواني في مصر أيّة
بدائل حقيقية لسياسات حسني مبارك وحزبه الوطني الإقتصادية والسياسية
والإجتماعية – اللهم إلا الطابع الإخواني لشكل الحياة – وأود هنا التذكير
بملاحظة بسيطة ولكنها ذات مغزى واضح ودلالة مميزة ، فقد فشل مرسي في بداية
حكمه في الدفاع عن قراره بتعيين محافظ قبطي وسقط قراره خلال ثلاثة ايام ،
وفي آخر حكمه فشل في تعين محافظ متطرف لمحافظة أخرى وسقط قراره خلال ثلاثة
ايام ، ولكن الفارق هذه المرة أن الرئيس مرسي سقط خلف محافظه وقراره بأيام
معدودة . 5 – تراجع مصر ودورها العربي و الاقليمي والدولي ، حتى اصبحت
وكأنها تدار من الدوحة او إسطنبول ، فبدت مصر المحروسة كمجرد إمارة هنا أو
إحدى ولايات الخلافة هناك . وضاعت مع مرسي وإخوانه هوية مصر ودورها ،
وتخلّت عن مجالها الحيوي ، وتقزمت شبكة علاقاتها فتهمش دورها ، فصار رئيس
مصر مجرد ضيف شرف لمؤتمر حزبي في تركيا ، وبدأت السدود تخنق النيل وتضيق
الخناق على هبته – كما قال هيرودتس يوماً – . 6 – خلال العدوان الصهيوني
على غزة عام 2012 ظهرت مصر ” الثورة ” و” الإخوانية ” بمظهر العاجز عن فعل
شيء ، إلا بالمقادر الذي يسمح به العدو الصهيوني والادارة الامريكية فقط .
فسقطت ” الثورة ” وسقط ” الإخوان ” في ايام العدوان الصهيوني تلك والتي لم
تتجاوز الاسبوع الواحد ، ووقّعت مع حماس على صك تسيلم قرارها الوطني
والسيادي والجهادي والنضالي للبترودولار وللإدارة الامريكية والكيان
الصهيوني علناً وتحت الشمس على نحو متسرع وفاضح وصادم في آن . 7 – كان
لموقف مرسي وإخوانه من الحرب التي تشن على سوريا تأثير هائل على مصداقية
وعروبة و” إسلامية ” هذا النظام الجديد . فما معنى ان تقطع العلاقات مع
سوريا ويُعلن الجهاد ضدها وعلى أرضها وشعبها وجيشها وفلسطين المحتلة منذ
خمسة وستين عاماً هي الفاصل بين مصر وسوريا ؟ كيف يتم التوسط لوقف العدوان
الصهيوني على غزة ويُعلن الجهاد في سوريا ؟ ولماذا لم تمنع فلسطين المحتلة
هذه مصر وسوريا من إعلان أول وحدة في التاريخ العربي المعاصر عام 1958 ؟
ولماذا لم تمنعهما من شنّ أول حرب عربية تحريرية لإستعادة فلسطين والارضي
العربية المحتلة في العام 1973 ؟ . تلك بعض الملاحظات الأوليّة ، العامة
ولكنها عميقة ، والكليّة ولكن الشاملة بكليتها للتفاصيل . وعند التدقيق بها
ندرك جيداً لماذا يدفع ” قارون ” ماله في مصر . 1 – هذة الأموال للحفاظ
على ” الوصل ” مع القوتين الأساسيتين في المجتمع المصري ، القوى المتأسلمة –
وعصبها الإخوان – والمؤسسة العسكرية – وعصبها الشعبي – . 2 – هذة الأموال
لإنهاء حالة الصراع لصالح المؤسسة العسكرية ، خوفاً من أن ينزلق الامر لحرب
أهليّة ، أو عودة الانقلابات العسكرية الكاملة والمباشرة . 3 – هذة
الاموال لمنع قيام ثورة حقيقية في مصر ، أو تأجيل قيامها الى اقصى مدى ممكن
، و ” تسكين ” الاوضاع الحالية وتثبيتها قدر الممكن . 4 – هذة الاموال
تأتي لمنع مصر من البحث عن مصادر تمويل وتسليح جديدة ، بعيداً عن ” ذُل ”
المعونة الأميركية – وكأن دول الخليج تدفع هذه المليارات دون رضى وعلم
أمريكا – كروسيا والصين وايران . 5 – هذة الاموال مقدمه وبروفة لما سيحصل
في سوريا . فلا يمكن لعاقل الفصل بين ما يجري في سوريا ومصر ، ففي البداية
يكون الإغراء بالتغيير – وفق الأجندة الأميركية والصهيونية طبعاً – وإن فشل
المخطط والمسعى يتم الإنتقال إلى الشراكة بالبناء والتعمير وشراء الزمن
وبقائهم – أمريكا وأذنابها – بالمال والنفط . 6 – هذا المال جاء ليُعلن
نهاية الحقبة التي هيمن فيها المال القطري وبوق الجزيرة ونعيق القرضاوي
وصراخ أردوغان . وقد إنطلقت قاطرة التغيير من واشنطن برحيل هيلاري كلنتون
وطاقمها ، مروراً بإيران ثم قطر وصولاً لمصر والبقية تأتي تباعاً . 7 – هذا
المال جاء ليحفظ مقعد – وإن في الصفوف الخلفية – لمن مولوا الحرب على
سوريا ، في التسوية التي يفرضها الجندي العربي السوري وقيادته المقاتلة
وشعبها الصابر ، وخصوصاً لهؤلاء الذين لم تنضج ظروف تغييرهم بعد كنظام آل
سعود .
سمير الفزاع
كلمه الصحافه للعرب
لتبقوا على اطلاع دائم على أخر و أهم الأخبار تابعونا على الفيس بوك عبر الضغط على الرابط التالي
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen